إن إدراك المجتمع لقيمة الثروة البشرية كان الدافع الأساسي إلى الاهتمام بالتعليم والتدريب، إضافة إلى التفكير في الوسائل الفعالة التي توفر أفضل فرص التعليم لأفراده وفقا لقدراتهم وقابليتهم، والتي تتيح لكل فرد من أفراد المجتمع حصته من التعليم والتدريب بهدف تنمية هته الثروة البشرية. فالاقتصاديين المتحمسين لنظرية رأس المال البشري ذكروا أن الموارد البشرية هي عامل إنتاج يحتاج إلى استثمار مسبق شكله الأساسي التعليم، وأن نوعية العمل دالة في العديد من العوامل، منها التعليم والتكوين (كما ونوعا) اللذان يتلقاهما الفرد قبل دخوله إلى سوق العمل أو خلال حياته المهنية. كما أن المتتبع للخطاب الرسمي في الجزائر اليوم يلاحظ بأنه يؤكد على أهمية الجامعة والدور الاستراتيجي الذي يجب أن تلعبه في تحقيق آمال وطموحات المجتمع، ويؤكد على ضرورة إصلاحها وتفعيل دورها في تنمية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، وذلك بتقوية علاقتها بالمجتمع والمحيط. فمنذ أكثر من عشريتين 1980-2000 تطرح بحدة مسؤولية توافق التعليم العالي مع عالم الشغل في الجزائر، ومعظم الدول العربية وبلدان العالم الثالث وحتى الدول المتقدمة. فهل هذه الإشكالية تمخضت نتيجة تزايد ديمغرافي كبير ومن ثم تزايد عدد الخريجين مرتبطين بنضوب الموارد المالية المخصصة للتشغيل والتوظيف أم عن المنظومة التربوية (البرامج، التخصصات، التأطير...الخ). لذا سنحاول في هذا البحث التعرف على مفهوم التعليم العالي (التعليم الجامعي) من حيث غاياته وأهدافه بالنظر إلى الضغوطات والإكراهات الاجتماعية المفروضة عليه، من جهة أخرى يمكن رسم لوحة مقتضبة عن التعليم العالي في العالم العربي ودول العالم الثالث والدول المتقدمة وآخر تطوراته، كما نعرج في محور ثالث على مجهود معرفي لإعادة بناء محتوى التعليم العالي وأغراضه بالنظر إلى المستحدثات العالمية المعاصرة ومتطلبات سوق العمل. وسوف نتطرق الى هذا الموضوع من خلال إلقاء الضوء على الموضوعات التالية: 1- هل تتوافق مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل؟ 2- هل لوظائف التعليم العالي أهمية في تنمية الموارد البشرية؟ 3- هل هناك آليات تساعد على تطوير دور الجامعة في خدمة المجتمع؟