شكلت مسألة الإصلاح التربوي في الأنظمة التربوية أحد القضايا الساخنة في مجال الحياة السياسية والإجتماعية للعالم المعاصر، ويعد مفهوم الإصلاح التربوي من المفاهيم المركزية في العلوم الإنسانية والإجتماعية، ويعتبر من أكثر المفاهيم شيوعا وتداولا في الأدبيات التربوية المعاصرة . ومن هنا يبرز الإهتمام المتزايد بالإصلاح والتطوير والتجديد التربوي والتعليمي والذي جعلته الدول النامية من أهم أولوياتها لإحداث التغير الإجتماعي المنشود والتنمية الشاملة. ونظرا لكون الجزائر إحدى هذه الدول فقد أخذت على عاتقها منذ الإستقلال ضرورة إصلاح نظامها التربوي، ولقد عرف النظام التربربوي الجزائري مراحل متعددة تميزت كل مرحلة بخصائص وظروف الفترة التاريخية التي نشئت فيها، ونحن اليوم أمام نظام تربوي جديد وليد الإصلاحات التربوية التي حدثت مع بداية القرن الواحد والعشرين، وجاءت هذه الإصلاحات كضرورة تنموية فرضتها التغيرات الإجتماعية والثقافية والتكنولوجية خاصة، حيث لم يعد النظام التقليدي قادرا على مواكبة التغيرات العالمية، ومتطلبات المجتمع الحديث، ولقد شرع في تطبيق هذا الإصلاح إبتداء من الموسم الدراسي:2002/ 2003م في مرحلتي التعليم الإبتدائي والتعليم المتوسط، أما التعليم الثانوي فقد شرع في تطبيقه إبتداء من الموسم الدراسي: 2004/2005 م، وقد شمل هذا الإصلاح المناهج والبرامج التعليمية وأساليب التقويم، طرق التدريس، تجديد الكتب المدرسية، وتكوين المعلميين والمدرسيين...، رغم هذا فقد واجه هذا الإصلاح عدة إنتقادات من طرف كل الفاعلين في المجتمع المدني أو على مستوى القائمين على الحقل التربوي، لذلك كان من الضروري تقويم هذا الإصلاح من خلال حصر جوانب القوة وتدعيمها، وإبراز جوانب الضعف ثم محاولة تفاديها، ولا تتأتى هذا الخطوة إلا عن طريق إشراك الفاعلين التربويين في عملية التقويم كونهم هم أحد الأقطاب الرئيسية في عملية الإصلاح التربوي، إضافة إلى ذلك فإن تقدم المجتمع الجزائري ونموه يتوقف إلى حد كبير على حسن إستثماره لكل مالديه من طاقات وإمكانيات وثروات وعلى رأسها الثروة البشرية أو رأس المال البشري، وهذا ماحاولت هذه الدراسة تسليط الضوء عليه.
|